الكوكب يخسر معركة أخرى.. فشل جديد في معاهدة مكافحة البلاستيك

الكوكب يخسر معركة أخرى.. فشل جديد في معاهدة مكافحة البلاستيك
عمل فني لبيان مخاطر التلوث البلاستيكي

 

انتهت محادثات جنيف بشأن التوصل إلى معاهدة دولية لمكافحة التلوث البلاستيكي إلى طريق مسدود، وبعد ليالٍ طويلة من المفاوضات بين 185 دولة، لم تستطع الأطراف التوصل إلى أرضية مشتركة بين جبهة تطالب بخفض إنتاج البلاستيك جذريًا، وأخرى، معظمها دول منتجة للنفط، ترى أن الحل يكمن في إدارة النفايات فقط.

ورغم ست جولات مفاوضات امتدت لثلاث سنوات، خرج المندوبون بخيبة أمل، ووصفت كوبا ما جرى بأنه "فرصة تاريخية ضائعة"، فيما قالت كولومبيا إن "عددًا صغيرًا من الدول" هو من يعرقل الطريق نحو اتفاق، أما توفالو، المتحدثة باسم تحالف الدول الجزرية الصغيرة، فاعتبرت الفشل "حكمًا بالإعدام على محيطاتنا وثقافتنا وأمننا الغذائي"، بحسب فرانس برس.

 دول طموحة تصطدم بجدار المصالح

تكتل من الدول الطموحة، يضم الاتحاد الأوروبي وكندا وعددًا من دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية، دفع باتجاه معاهدة تحد من إنتاج البلاستيك تدريجيًا وتحظر المواد السامة المرتبطة به، في المقابل، وقفت دول كبرى منتجة للنفط منها روسيا وإيران في صف معارض، مطالبة بمعاهدة ذات نطاق أضيق لا يضر باقتصاداتها المعتمدة على الوقود الأحفوري.

وزيرة التحول البيئي الفرنسية عبّرت عن "غضبها" مما وصفته عرقلة بضعة دول "مدفوعة بمصالح مالية قصيرة الأجل"، بينما دعت جنوب إفريقيا إلى مواصلة المفاوضات مؤكدة أن "هذه العملية لا يمكن أن تنتهي هنا".

المفاوضات تنهار رغم محاولات اللحظة الأخيرة

قدّم رئيس المفاوضات لويس فاياس مسودتين متتاليتين في الساعات الأخيرة، لكنهما رُفضتا من كلا المعسكرين، فالدول الطموحة اعتبرت المسودة بلا أثر حقيقي، فيما رأت الدول النفطية أنها تتجاوز "خطوطها الحمراء"، ومع فجر الجمعة، أُعلن فشل الجولة السادسة تاركًا مستقبل المفاوضات معلقًا، وإن كان الاتحاد الأوروبي اعتبر النص الأخير "أساسًا جيدًا" لمواصلة المحادثات.

 أزمة بلاستيكية تتفاقم

إحصاءات الأمم والمنظمات البيئية ترسم صورة قاتمة، فالعالم ينتج أكثر من 400 مليون طن من البلاستيك سنويًا، نصفها تقريبًا يُستخدم مرة واحدة فقط، ومن هذه الكمية، يُعاد تدوير 9% فقط، بينما ينتهي 46% في مكبات النفايات و22% في الطبيعة، ويتحول 17% إلى دخان عبر الحرق.

حتى الجبال الشاهقة وأعماق المحيطات لم تسلم من الميكروبلاستيك، وباتت الجزيئات الدقيقة موجودة في أجسام البشر، تهدد الصحة العامة وتدخل في سلاسل الغذاء، وإذا استمر المسار الحالي، فإن إنتاج البلاستيك قد يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2060، لتصل النفايات إلى أكثر من مليار طن سنويًا.

صراع بيئي واقتصادي طويل

أطلقت الأمم المتحدة مفاوضات المعاهدة في 2022 بعد إدراك متزايد بأن أزمة البلاستيك باتت تهدد النظم البيئية والمناخ معًا، الجولات السابقة، وآخرها في كوريا الجنوبية، انتهت أيضًا بالفشل، جوهر الأزمة يكمن في تضارب المصالح، دول ترى في تقليص إنتاج البلاستيك مسألة بقاء بيئي، وأخرى تعتبره تهديدًا مباشرًا لاقتصاداتها المرتبطة بالنفط والغاز.

المحللون يحذرون من أن كل فشل جديد في هذه المحادثات يمنح شركات البتروكيماويات فسحة أكبر للاستثمار في مصانع بلاستيك جديدة، ويزيد من صعوبة إقرار أي معاهدة في المستقبل. بالنسبة للجزر الصغيرة المهددة بالغرق، والبيئات البحرية التي تختنق بالنفايات، كل تأجيل هو بمثابة خسارة زمنية لا يمكن تعويضها.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية